Friday, January 23, 2009

تـ ريـ كـ و



يقيمون حفل توديع لك بالمكتب بعد اسبوع من الان, أما انا فقد اخترت لتوديعك "شلة صوف" زرقاء اللون وابر تريكو! اسبوع فقط لكي اودعك علي طريقتي! مساءاً, أعددت "ماج النسكافيه" وكانت قائمة من الاغاني تنتظرني للبداية! "ما مرق علي قلبي, متله ما مرق"! ابدأ بالعد..واحد، اثنان، ثلاثة...لابد ان يكونوا اربعين غرزة...! عشرة – ح توحشني - اثنا عشر – اوي –سبع عشرة- ما تسافرش! " تذكر اخر مرة شو قلتلي بدك ضلي بدي فيكي تفلي" ...اخطأت العد, احاول التركيز, واعيد العد من جديد..! عشرين – "حبيتك متل ما حدا حب واليوم راح تحب"- اربعة وعشرين – بالتأكيد ستحب اللون الازرق هو لونك المفضل علي اية حال- ثلاثين- اتنهد حتي كاد قلبي ان يتوقف بعدها- خمس وثلاثين- "يمكن ما قلتلك انك انت حبيبي"- تسعة وثلاثين- بجد ما تروحش! أتوقف للحظات, وابدأ بالسطر الأول, متأملة كيف الخيوط تتشابك .. مثل كل شئ اخر, تتضافر فيها الصدف مع الابتسامات, وفنجان القهوة الصباحية, ثم تأتي مكالمة هاتفية وضحكة, وشيكولاتة صباحاً علي المكتب من مجهول لكن معلوم للقلب... كل ذلك يتشابك ويتعقد ليشكل الان سطراً في كوفية صوفية لونها ازرق, كما شكل قلباً وردياً من قبل! "تنده اقول حاضر..مهما تغيب حاضر..شايفك بعيد حاضر وانت الحبيب.. حاضر"! التريكو هو اكثر الممارسات العبثية, لا يضاهيها سوى عبث الحياة ذاتها التي جعلتنا نلتقي بلا موعد ونفترق علي غير موعد! ببساطة التريكو هو حركة ما بين ابرتين يتحدثا طوال الوقت, ينقلان الغرز – والحروف- ما بين الواحدة فالاخرى! ومع استمرار الحكي- والحياكة- تستمر عملية التضافر والتعقيد واحياناً الاخطاء مخلفة ثقوب متباعدة ما بين هنا وهناك ! "سألتك حبيبي لوين رايحين..خلينا خلينا تسبقنا السنين"! أول ثقب, اتمني ألا تلحظه... فجوة صغيرة تتباعد فيها الخيوط قليلاً ... مثل تلك المسافات التي ستبعدنا كثيراً! تتساقط شعرة بنية وحيدة.. لتشتبك هي الاخرى مع الخيط, لا احاول منعها, فأنت لن تلحظها حتي..أما الخيوط ستحتضنها وتخفيها بينها ..لتكون أقرب مني إليك..وتستشعردفئك ورائحة عطرك! "اياك تكون زيهم تروح وتجرحنا ده انت الوحيد منهم تقدر تريحنا" .. اتوقف قليلاً لدي جملة منير تلك.."هو انت فعلا زيهم ح تروح وتجرحنا؟!" ثقب اخر ...لا تداريه الخيوط الان! دائما كنت تقلد فقرة اهداءات القناة ثالثة..وانا كنت املأ الدنيا ضحكاً جنونياً ... فدعني الان اهدي الغرز الدقيقة تلك والسطور إلي التفاصيل الصغيرة- تفاصيلنا! هذه الغرزة إلي الشيكولاتة بالبندق والزبيب , وتلك إلي موسيقي عمر خيرت, أما هذا السطر الجديد فهو لمفاجأة عيد ميلادي! "قبلك قلبي كان شجرة بلا عصافير..جنة بلا الوان..فراشة ما فيها تطير"!.. بس انت ماشي وح يرجع البرد بدل الدفا! انزعجت طبعا لدي اعترافي بتلك الحقيقة وها هو ثقب جديد! الكوفية لازم تكون سبعة اشبار...وكل يوم ح اعمل شبر منها..هذا هو قراري لليلة! كيف أقيس الشبر بكفي هذا؟ أعرف أن كفي أصغر من كفك, فيوم أن احتضنت كفي, كان كعصفور صغير وقع في فخك..لكنه كان فخاً دافئاً..لم أقاوم! "تعرف يعني ايه "ضي روحي يبان" اللي بيغنيها الحجار؟! ح احكيلك هنا...! اقترب من نهاية الشبر الأول، فاستمر بالحياكة ببطء حتي يتسع صدر الغرز لسماع هلوساتي عن معني اغنية علي الحجار! "ح افهمك"- واعتدل في جلستي كمدرسة ستسرد قصة مثيرة لاهتمام تلاميذها الصغار.. وهي الان غرز التريكو التي بدأت تزيد وتتضح ملامحها! أتعرف ان صديقتي كانت تؤكد لي ان وجهي يزداد اشراقاً ووجنتي تتورد اكثر كلما حدثتني..؟! أتذكرتلك الابتسامة التي لا تخبو ؟! أتشتم رائحة النعناع المنعش يحتل القلب فكأن صدرك هو مخزن للاكسجين النقي حتي أوشك قلبك ان يطير وصدرك "ينشرح" ؟! ان ابتسم بعد ان تقلني بسيارتك "عزيزة"؟ وان اسمع تلقائياً "الست" بعد ان تهاتفني؟ . .وان ابتاع يومياً شيكولاتة بالزبيب والبندق, حتي امتلأت حقيبتي عن اخرها؟! هو ده بقي "ضي روحي يبان"! وعلي الرغم من ذلك.. سترحل! ثقب جديد ... براحتك وعلي رأي فيروز "مش فارقة معاي"! تتساقط دموعي علي الغرز التي احيكها الان بعصبية..."اوعى تكون نسيت، تتركني وحيدة عا طرقات بعيدة..واتذكر شو حكيت"... مزيد من الذكريات ومزيد من الدموع ومزيد من الثقوب، فاتوقف لالتقط انفاسي واتنهد فاطلق زفرة يكاد معها قلبي ان ينفجر! قلبي الذي صار مثل تلك الكوفية مليئ بالحكايا والثقوب! "كل الجمل والحكي والكلام..فيك"! غداً , سأحكي للكوفية عن عيد ميلادي .. وبعد غد. سأتذكر ان اقول لك كم احببتك..وبعد بعد غد، سأتوقف عن إحداث ثقوب في كوفيتك, اوعدك..وبعدها سأبكي وسأتوقف عن الحياكة..ثم اعود .. ثم القي بالابر بعيداً..ثم في اخر ليلة سأكون قد انتهيت..وسأضعها تحت وسادتي لتحمل بعضاً من دفئي لتسري بخيوطها وتحمل بكائي ورائحة عطري الهادئ معها, حتي حين ترتديها تتذكر رائحة بحر اسكندرية في الشتاء الماضي, واكلة السمك من عند "بلبع"..و البالونة علي شكل قلب التي افلتت من بين ايدينا وراقبناها بشغف تطير مع أحلامنا, وتتذكر القواقع التي جمعتها لي, وغزل البنات, وشريط عمر خيرت الذي اهديتنيه! سـأتذكر ان افعل ذلك..اعدك..كل يوم بعد ان اشاهدك وانت تلملم حاجيتك من المكتب- كأن هذا الذي سيمحي اثرك-سأستمر بالحياكة/ والحكاية بدلاً من انفجر غاضبة باكية امامك ! اعدك ان استمر بالحكي للكوفيه حتي لا تنسي! "يحكوا عنك يا حبيبي وانا بانتسى"! أرأيت؟! حتي فيروز تؤكد لك ذلك.."وانا بانتسي"!سأستمر حتي اخفي توتري من اولئك الاغبياء بالعمل الذين يسألونني ما هو لون البالونات الذي تحبه...أهو الاحمر ام الاخضر؟! اغبياء...! سيسألونني أتحب الفانييلا ام الشيكولاتة...؟! وانا سأستمر بالغزل.. حتي لا افقد اعصابي ..ولكني اعدك اني لن احدث المزيد من الثقوب والتعقيدات في الكوفية...يكفي..يكفي الثقوب التي سيحدثها سفرك بقلبي! وعلي رأي فيروز.."بيكفي..شو بدك انو يعني موت فيك؟!"ه

____

تمت

19 comments:

Ola said...

Ya epi ya gemed:)
ha, 7anshoof awel magmoo3a kasaseia liki (in arabic) emta isA??
By the way, ana 7adi el ma3rad next week isA ba3d ma7'alas emta7anat, momken ashofek sodfa hnak wala 7aga!!

انا حره said...

قلبي الذي صار مثل تلك الكوفية مليئ بالحكايا والثقوب......

اعمل فيكى ايه بس

كلمات said...

ببساطة التريكو هو حركة ما بين ابرتين يتحدثا طوال الوقت, ينقلان الغرز – والحروف- ما بين الواحدة فالاخرى!

"I agree.. whole-heartedly!"

لم أعرف من قبل معنى
*ضي روحي يبان*
يا.. معلمتي
:)

يا مراكبي said...

قصة جميلة وهادية جدا

الفكرة نفسها جديدة جدا .. الرابط بين التريكو والحياة .. والتشابه بين الحبيبين وبين إبرتين تريكو بيتشابكوا ويتناقلوا العديد من الأحداث والمواقف والخبرات . .جميل جدا وصف الثقوب وربطه بالفجوات بين الحبيبين

حقيقي فكرة جديدة وعنوان موفق

مـحـمـد مـفـيـد said...

عوده لقصصك المميزه الهادئه

romansy said...

ما اجملها من فكره

وما اجملها من خيوط تتشابك مع بعضها البعض
وينتج عنها
اجمل الاشكال
واحلاها

Anonymous said...

gamda mooot
well done ya epi
marwa

سابرينا said...

الله
جميلة

لا أحد said...

نص جميل
اعجبتني حركة التفاف بين الإبر و المشاعر و السرد الذي يتنقل بحرفية بين الأغاني و كلام النفس و وصف الحدث

عبقري جدا

Anonymous said...

Amazing ya epi :) it touched my heart ,, i realllllllly like the idea and the way u quote from songs .

Epitaph1987 said...

Frustrated,
lol ya benty magmo3et eh bs! :D 3ala 2ady ana! :D and definitely..we wanna create that coincidence of seeing you ;)!
thanks ya 7oby! :)

انا حرة
متعمليش
اعملي كوفية تانية :D

كلمات
كل واحد ياخد باله من ضي روحه بقي بعد كدة
:D

يا مراكبي
وهي الحياة ايه غير ابرتين تريكو وخيط طويل ملعبك منشبكه في بعضه
:)) *انا مقتنعة بكدة جدا* :D
شكرا علي رأي حضرتك اللي باعتز بيه وبانتظره :)

محمد مفيد
:)) وعودة لتعليقات حضرتك المتميزة

رومانسي
انها خيوط الحياة تتضافر
لتشكلنا نحن
:)

Marwa,
:)) thankss..and more thanks for your passing by and comment :)

sabrina,
اتمنى انك تكوني استمتعي بالتريكو :)

لا احد
حتي كتابة الناس كانت عملية غزل في حد ذاتها :)
شكرا علي تعليقك ورأيك
:)

Nehal,
'am glad that it did! :)) Knitting is a catahrsis in itself! Thank you for you comment..it means a lot to me! :))

علا من غزة said...

الله عليكي يا جوجو
رائع لدرجة مش عارفة اعلق على ايه ولا ايه

Beautiful Mind said...

من بعد الغياب تطل رائعه جديده
جميله بجد
هوا التريكو بيعمل كل ده
:)
كان عندك حق لما قلتى هفتح مصنع
:)
احم
عاوز كوفيه
:)

روز said...

يرحل، في قلوبنا دائما يرحل، ولا يعود
ولا حتى حياكة الكوفية تنفع، ولا الهمس أو الغناء لفيروز
..
.
بالمناسبة، الحياكة عمل ممل جدا، لكن ما يهونه علينا أننا نفعل ذلك لأحبتنا !
دمتي جميلة :):)

تــسنيـم said...

جووج هانم/ مش ممكن نهايات سعيدة بقــى؟؟

قلبي مش ناقص وجع يا هانــــم

:s

Epitaph1987 said...

علا
:)
علقي ع اللي تحبيه
او اقولك
وشوشي بيه التريكو :)

Beautiful Mind,
مشغل مش مصنع :D
انا مبعملش كوفيات
:P
:D

حنين
صح :) بس هي مش مملة
هي عبثية
روتينية
وجميلة
:) زيك

تسنيم
سلامتك من الوجع
:)

Anonymous said...

النص مدهش
بجد
في منتهي الجمال

Ahmad Hegab said...

we2fet kteer awy a2ra we arga3 tany ,, we b3deen arg3 a2ra we afham tany we te3gbny 7eta arga3 a2raha talt !

Bravo..

Epitaph1987 said...

alexandmellia,
اشكرك
:)

أحمد
سعيدة انك اندمجت مع الخيوط :)