تتحول انتصاراتي اليومية الصغيرة الى نجاح طهي الأرز(من غير ما يتعجن) او ان امشي بسلاسة بين أبنية الجامعة العتيقة دون خرائط. أتحول ببطء الى نموذج المرأة العاملة..التي تطبخ ليومين او اكثر. أعد الطعام ..ثم أقسمه لليوم والغد بعد ان اشتريت علب حفظ الطعام البلاستيكية..لأنني في اليوم التالي سأكون منشغلة جدا ولا وقت لدي لفعل أي شئ!! أتوقف عن شراء الفاكهة لانها تفسد سريعا..لأنها لي فقط! صرت اشتري كل شئ بكميات قليلة جدا..فأنا اطبخ لشخص واحد..وحيد! صرت أعرف الأسعار وأقارن ما بين هذا السوبر ماركت وذاك.. وانا المبذرة تماما التي كانت لا تهتم. تغيرت الان. وأشعر الان بمعاناة أمي وسؤالها الوجودي اليومي: (ح تاكلوا ايه بكرة؟) كل يوم يشغلني هذا السؤال لما سأعده وأطهيه وهل لدي مكوناته وأعرف وصفته وهل استطيع الحصول على الوصفة من أصدقائي، او حتى أخترع شيئا ما..لكن دائما هو السؤال: ح ناكل ايه بكرة؟!َ أبتاع الصواني الفويل والاطباق الفوم والمعالق البلاستيكية حتى أتخلص منهم فورا بعد الاستخدام هربا من غسيل الصحون! (أكره المطبخ المشترك في السكن لأني موسوسة و "إنفة".. وكسولة احيانا..ومنعزلة ايضا). والان أكره غسيل الملابس- مثل أمي تماما ولكن لأسباب مختلفة.. فالعملات الفضية الصغيرة تجميعها صعب بشدة. ولكن رحلة "اللوندري" او غسيل الهدوم..ورائحة الغسيل المنعشة بعد التجفيف (والكثير من الدعاء ألا ارتكب خطأ ما فيفسد كل شئ!) هي من انتصاراتي الصغيرة أيضا. حتى الخروج ليلا، بدأت اعتاده.. أعتاد الان السير في طريق الغابة (طريق مختصر يصلني بمركز الجامعة مليئ بالأشجار والسناجب)...أعتاد الخروج ليلا رغم تحذير الاصدقاء، ورغم خوفي.. أعتاد تفقد صندوق بريدي يوميا دون ان أجد رسائل..ودون أن أحزن لذلك (ستصلني رسالة جديدة من مصر.. صرت أعد نفسي). أعتاد . أعتاد فرق التوقيت - ست ساعات- تفصلنا تماما. اعتاد اننا لا نتحدث بعد الساعة الثامنة مساءا بتوقيت هنا..لانها الثانية صباحا بتوقيت هناك! أعتاد فكرة الـ "هنا" والـ "هناك"!أعتاد استخدام "سكايب" والمحادثات التي لابد ان تنقطع لان الانترنت سخيف بشدة.. أعتاد الان استخدام حمام السكن المشترك -الذي أكرهه تماما بالمناسبة. بل واعتدت ايضا ركوب الباص للذهاب إلى أي مكان فقط لاقراء "رحلة" رضوى عاشور بجانب الشباك (لدرجة اني اتصاحبت على اكتر من سواق/سواقة أو على الاقل عارفنني كويس دلوقت). صرت أعتاد كل هذا وأكثر. حتى الصمت طوال اليوم..اعتدته. وكذلك الأمطار اليومية والرطوبة والجو المتقلب..والمظلةالتي صارت جزء من ذراعي لا يفترقان ابدا. ه
أعتاد الغربة..فتصبح مألوفة الان.اعتاد الغياب..والبكاء المكتوم كل ليلة دون سبب وأنا استمع لحلقات "فريندز" على جهاز الكمبيوتر حتى أنام! ا