Sunday, December 24, 2006

بعدك علي بالي





تزينت و تعطرت و ارتدت افضل حلة لديها.. فاليوم عيد ميلادها الخامس و الاربعون . اضاءت شمعة وحيدة لتؤنسها , و جلست في ركن الغرفة البعيد بجوار المدفأة علي كرسيها الهزاز, و مثلما خرج الملايين في هذه الليلة للاحتفال, قررت هي ان تشاركها فيروز مناسبتها الخاصة طالما ان احدا لن يشاركها اياها ,فلا زوج و لا حبيب و لا صديق , وضعت الشريط الذي كان قد اهداها اياه منذ اعوام بعيدة. حلقت مع سحر صوت فيروز بعيدا, لتتذكر طفلة صغيرة تكرمها معلمتها بالمدرسة, قبلة ام حانية تطبعها علي وجنتها الناعمة, ضحكات خجولة بالجامعة, ايادي متشابكة و احلام لم تكتمل, بكاء لفراق الاحبة... ذكريات تتدثر بها من برد الليالي
***

بكرة بتشتي الدني
ع القصص المجرحة
يبقي اسمك يا حبيبي
و اسمي بينمحي

***

ترتجف, فها هو ديسمبر يودع العام منذرا بنسيم بارد, عيناها لا تفارق الهاتف الصامت طوال اليوم , تمني نفسها انه لربما احدهم يتذكر انها لازالت علي قيد الحياة تحتفل بمرور عام جديد لن يزيدها الا الما و وحدة, لكن صديقاتها تحججن ببيوتهن و ازواجهن, و هي رفضت دعوة احدي قريباتها لحفل ساهر بمناسبة رأس السنة, لكن احدا لم يتذكر ان هي الاخري تحتفل بعيد ميلادها , فقد تناسوا وجودها. تأبي ذاكرتها ان تنسي كيف كان يوم عيد ميلادها هو حفل تتويجها ,و هو يفاجأها باحد افكاره المجنونة.لا تنسي هذا الحفل و المطرب يهدي لها اغنية و شاركها الالاف حينها عيد ميلادها,و الاهم انه كان بجوارها ,يهمس لها "معا للابد" , تعلم انه لو كان هنا الان لكان فاجأها بكل اصدقاء الطفولة و الدراسة و احبائها ..و لكن هيهات فها هي الاعوام مرت و لا تعلم عن اخباره شيئا
***
كيفك
قام عم بيقولوا
صار عندك اولاد
انا والله كنت مفكرتك
برة البلاد

***
تنصت الي دقات الساعة , انها الثانية عشرة, الالعاب النارية بالخارج تشتعل, تمني نفسها ان العالم الان بأسره يحتفل بها, الجميع سعداء بالسنة الجديدة.. و هي في غرفتها تتأمل الماضي , تنظر الي مرآتها , الشعيرات البيضاء تسللت الي رأسها, و المزيد من التجاعيد خطت علي جبهتها البيضاء العريضة.. تتمتم : "كل سنة و انت طيبة" و ابتسامة حزينة تزيد ملامحها كآبة .. الاضواء الخارجية و صراخ الشباب يتحدوا صوت فيروز المسترسل عبر المذياع , :"لم يبق غير انت و انا يا فيروز",, لتعود الا كرسيها مرة اخري
***
طل و سألني
اذا نيسان
دق الباب
خبيت وجهي
وطار البيت فيّ و غاب

***
يدق جرس الباب لتفيق من بحور الذكريات, لعله احد الصغار قرر ازعاجها كالمعتاد, لا تجد احد بالخارج,, لكنها لم "تتوهم, فهناك باقة ورود حمراء,و علبة حلوي المفضلة لديها تركها احدهم مع ورقة صغيرة : "معا للابد


***
حبيت افتح له
ع الحب اشرح له
طليت
ما لقيت
غير الورد عند الباب


***
"همهمت, و الدمع يتلألأ بعينيها: "بعدك علي بالي