Monday, June 7, 2010

لما تاخدني المراكب..وأنت مش راكب*


يتعرف جهازي العصبي على ذبذبات الرحيل مسبقا قبل أي قرار، يشمها في الهواء.. فيتعرف عليها ويتخذ تدابيره. واليوم،أطلق صافرة الخطر ! يتأهب عقلي تماما.. يلملم الذكريات في حقيبة لا يغلقها بعد ولكنه ينظر إليها بتحسر، يغرقني عقلي في صمت "لقد تعرف جهازك العصبي على اشارات الرحيل..استعدي!" أرى عقلي يجمع تفاصيلك من هنا وهناك، يركض مسرعا ململما حروف اسمك، وكلماتك، وضحكاتك، ووعودك، يجمعهم جميعا وينحيهم في حقيبة كبيرة في أحد جوانب روحي متأهبا لما سيحدث! قلبي يقف طفلا خائفا .. تائها بين من يركضون في روحي استعدادا لمواجهة ما سيحدث ولا استطيع تكذيبهم، وكم أتمنى تكذيبهم جميعا (لو فقط تعطيني الدليل، حتى اخرج لساني لعقلي واقول له : مت بغيظك، فاز هو !!) يصرخ قلبي الصغير بهم جميعا: سيصدق هو وسيُثبِت لكم كم كنتم جميعا مخطئين ... سيصدق! (ستصدق، أليس كذلك؟؟ ستصدق؟ )!! لكنهم في حالة تأهب غير عابئين بصراخي. انذارات الخطر ترعبني ، لا أعرف إلي أي اتجاه اركض واختبأ. اقف في مكاني ... داخلي .. متجمدة! هل كانت البداية الحلم الأخير؟؟ رأيتك، كنا نتحدث معا..نسير جنبا الى جنب ، كنت أريد فقط أن أضع رأسي على كتفك، لأعرف طعم هذا الدفء .. ولكني لم أفعل!! وفجأة اختفيت أنت ووجدتك تحدثني على هاتفي.. كنت مترددا جدا إن كنا سنرحل معا بسيارتك أم لا.. لم تقرر، ولم أعرف.. ولكننا كنا نتحدث عادي تماما...ولم نرحل معا في نفس السيارة ونفس الطريق! كنت أعرف- مع الاسف- معنى الحلم... لم تأخذني معك، ولم أعرف طعم الدفء على كتفك قبل رحيلك! لكني كذّبت تفسيرات عقلي للحلم حينها، قلت لعقلي: اصمت، إنه مجرد حلم سخيف ! الآن، هناك حقيبة كبيرة أعدها عقلي مليئة بتفاصيلك. إنه الآن انذار يؤكده جهازي العصبي. قلب تائه يرتجف. كلهم توقفوا عن الركض يمنى ويسارا فور أن جائتني رسالتك... كلهم حبسوا أنفاسهم معي ووقفوا اطفالا متجمدين منتظرين، متسائلين: هل حقا فزنا وخسرت هي؟! رسالة وحيدة منك...جعلتني أفكر كيف سأمحي ارشيف رسائلنا، كيف سأتوقف عن الاستماع إلى أغاني ام كلثوم، كيف سأتوقف عن أن أفرح كل يوم، كيف سأضع خطط بديلة للحياة لا تشملك بعد الآن... كيف سأتوقف من هذه اللحظة وأعود لشئ لا أعرف كنهه، سيعيد صياغته عقلي لأحيا! خلايا جسدي تحتضن قلبي مؤكدة: سنستمر.. ستستمري! للاسف.. صدق انذار جهازي العصبي... وكم تمنيت أن تصدق أنت، كم تمنيت أن تصدق أنت!!ا
__________

تمت
العنوان: قصيدة "الأرض زهرية فاضية" لبهاء جاهين*
كتبت في 30 إبريل 2010

2 comments:

... said...

أردت فقط ان اقول اني معك
هنا
وفي اعماق هذه الكلمات

شريف said...

i wish there was something anyone can do ..
unfortunately, i know there ain .. that you have to go through all of this on your own ..