Monday, April 9, 2007

في شقة مصر الجديدة



رسالة الزمن الجميلة و ليلي مراد يحملها لنا فيلم محمد خان الجميل " في شقة مصر الجديدة" ليعيد تعريف الحب الذي تاه, هل هو حب الروايات و اغاني ام كلثوم و صوت الحب ليلي مراد, حب الابيض و الاسود؟ ام استسلم لعصر السرعة و الواقع المادي و السن و العنوسة و نظرة المجتمع؟
.


انا قلبي دليلي
قالي ح تحبي
دايما يحكيلي و باصدق قلبي
انا قلبي ..قلبي دليلي


.
تهاني – مدرسة الموسيقي- المؤمنة بالحب, هي الحاضر الغائب في الفيلم , لا نراها لكن تدور الاحداث حولها, فهي تدفع بالاحداث قدما , في رحلة الشخصيات في البحث عن تهاني / الحب
.


حبو بيه معايا من قبل ما اشوفه
قلبي ده مرايا
مرسوم فيها طيفه
شايفاه اه في خيالي
سامعاه اه بيقولي
يا حياتي تعالي تعالي تعالي


غني لي تملي و قوليلي تملي


.
نجوي ( غادة عادل) تلميذتها من المنيا, تقرر ان تقابل مدرستها وجها لوجه بعد فترة مراسلة دامت الثلاثة عشر عاما, تذهب نجوي الي شقة تهاني بمصر الجديدة و لا تجدها, ولا احد يعلم بمكانها فقد اختفت منذ اكثر من عام تاركة محبيها و الجميع في حيرة
.


الحب ده غنوة
كلها احلام
انغمها الحلوةاحلي انغام


.
تتبع نجوي العلامات بحثا عن تهاني و في طريقها تقف لدي محطات تعرض ماهية الحب, فتقابل سائق التاكسي المسيحي الجميل احمد راتب او (عيد ميلاد) و اخلاصه لذكري زوجته المتوفيه و حبه لابنتيه فجر و شروق, او ابلة حياة ( عايدة رياض) صاحبة بيت للمغتربات التي تزوجت مرتين و احبت و حبها متجدد تجاه طالباتها و خوفها عليهن, او نظرة حب خفية تجاه عيد ميلاد, وكذلك حب الاستاذ شفيق (يوسف داوود) صاحب البيت الذي تقطن به تهاني , فهو رغم زواجه من اخري- يحيا علي ذكري حب
.


انا قلب دليلي
قالي ح تحبي
دايما يحكيلي و باصدق قلبي..انا قلبي دليلي


.
في اختفاء تهاني الغامض, و التساؤل ان كان اليأس من العالم الجاف المحيط بها, قد دفعها للانتحار, او انها لاقت مصرعها في حادث, او انها رضخت لاحكام السن و الوحدة و نظرة المجتمع فتزوجت , فهي مختفية و الجميع في حيرة من امرههم, يبحث عنها الجميع في حالة من التخبط خاصة نجوي, و التي بدأت تفقد الثقة بنفسها و بما تؤمن به, فهي لم تصادف الحب رغم انها شارفت علي الثلاثين من عمرها..هل لهذا الحب وجود يستحق تنازلها عن حياة تقليدية و زواج تقليدي؟ مجرد سراب؟
.


الدنيا جنينة و احنا ازهارها
فتحنا عنينا علي همس طيورها


.
في دائرة بحثها, تقابل نجوي يحيي او خالد ابو النجا, وهو مثال للواقع الذي لا يعترف بالراديو و لا الخطابات و لا حتي بالحب, فرغم تعدد علاقاته النسائية, لم يصادف الحب, بل كان الملل حليفه, لتأتي نجوي و معها ذكري تهاني /الحب ليعيد اكتشاف نفسه و احتياجه للحب
.


مين راح يقطفنا؟
مين راح يسعدنا؟
النار في قلوبنا
لونها في خدودنا


.
تهاني هي الحب نفسه, هي التي لا نراها, و لكن نبحث عنها, الجميع في مطاردة لاعادة الحب لعالمهم, فاذا عثروا عليه وجدوا تهاني, و بالتالي وجدوا انفسهم و اعادوا الثقة بانفسهم
.


.
تهاني موجودة
طب هي فين؟
she exists

مش مهم—المهم انها عايشة


.


.


هكذا صرخ شفيق في سعادة ليطلع يحيي علي هذا الخبر الجميل الذي انعش قلبه و ذاكرته من جديد, لا يهم اين تهاني الان,. او كيف تبدو, فالحب موجود بأسمي معانيه و بذكرياته العطرة, لم يستسلم بعد للواقع. للسن, لاحكام المجتمع المجحفة للمرأة و سن العنوسة, الحب يحمل نسائمه ليحيا الجميع في ثقة من جديد, ليعودوا ادراجهم و هم علي ثقة من انفسهم و في حالة اعادة اكتشف لحياتهم
.


شايفاه اه في خيالي


سامعاه اه بيقولي


.
غادة عادل وفقت في دور نجوي المنتميه الي عالم ليلي مراد الذي لم تحيا به قط, هي البراءة و الحلم , اعاد اكتشافها محمد خان في هذا الدور, اما خالد ابو النجا فقد ابدع في تجسيده لشخصية يحيي العصري الواقعي الذي يعمل في البورصة – اكثر العوالم المادية- الا ان يبدأ في التعرف علي الحياة من جديد و يتذوقها, عايدة رياض
واحمد راتب و يوسف داوود كان وجودهم و حضورهم ذو طلة جميلة في الفيلم.. ليأكدوا علي جمال الحياة..و اهمها جمال مصر
.


يا حياتي تعالي تعالي تعالي
غني لي تملي و قوليلي تملي


.
الموسيقي التصويرية تترجم معاني الحب و تلك النظرات التي تبوح بما يحمله القلب من حب و حنان و عطاء, اما الديكور فكان ينقل العالم بكل تفاصيله , شقة مصر الجديدة البطل الحقيقي و عطر الزمن الجميل , بما تحتويه من بيانو و صورة مدرسية, كراسات الموسيقي, عمارات مصر الجديدة رائعة الطراز, اما في التاكسي فتنتقل كاميرا محمد خان لنري صورة المسيح و العذراء مريم و صورة الطفلتين فجر و شروق, و تصحبنا كاميرا محمد خان لتنقل بواقعية متناهية في مشهد ذو ثواني قليلة مشهد الطالبات المغتربات في الصباح الباكر " اللي لافة شعرها برولو و الكاسيت اللي شغال و نانسي عجرم و اللي بتنشر الغسيل و اللي بتلف الطرحة",,,انها بصمة محمد خان
.


الحب ده غنوة
كلها احلام


.
لا انسي كيف وفقت الكاتبة وسام سليمان في اختيار الاسماء خاصة لحياة و هي ذات القلب المتجدد, او السائق عيد ميلاد حيث مولد الحب, و استخدام العلامات في اخر الفيلم حين قررت نجوي ان تكف البحث عن تهاني, و في اثناء ذهابها الي محطة مصر تستمع الي " يا مسافر وحدك و فايتني "...حتي ابسط التفاصيل تم توظيفها بتميز و نجاح. و مدرسة الراهبات التي نشأت بها نجوي و كانت تعمل بها تهاني, و حياة التزمت ليس من قبل الراهبات فقط بل الام السملمة الصعيدية التي تأبي ان تتعرف طفلتها علي طعم "الحب البرئ". تنجح الكاتبة ايضا في احياء مصر الجميلة اللي لسة بخير , الاغاني القديمة, برنامج ما يطلبه المستمعون. اهداءات الاغاني, "قاعدة البلكونة", السائق الطيب, مصر الطيبة التي نحن اليها , قصة الفيلم محبوكة تجذب انتباهك الي اخر مشهد,, بل انت تشارك في البحث معهم عن تهاني /الحب.. لينتهي الفيلم بوداع غادة عادل لخالد ابو النجا و في القطر تغمض عيناها و هي مبتسمة لتردد رقم هاتفه,, لينتهي الفيلم و انت تسمع من بعيد – كأنه حلم – ارقام هاتف.....الحب
.


انغامها الحلوة
احلي انغام
انا قلبي دليلي
قالي ح تحبي


.
اشكر محمد خان علي ما احياه في قلوبنا من جديد...و الي كل القلوب الحياري..اهدي لهم اغنية ليلي مراد : انا قلبي دليلي